-->

الخميس، 23 مايو 2013



إذا كانت بعض الجماعات السلالية تتمكن حاليا من تدبير أمورها بمستوى يمكن نعته بالعادي ،فإن البعض الآخر يعيش في تعثر ،إن لم يكن شللا كاملا ،تضيع معه المصالح المشتركة للافراد داخل هاته الكيانات. ومع تعدد وتنوع الاسباب الكامنة وراء الوضعية المذكورة ،فإننا نعتقد أن من بينها سكوت التشريع والتنظيم القائم والمعمول به ، عن جانب يتعلق بمسطرة تعيين وإقالة ومدة انتداب أولئك الاعضاء الذين يكونون ما يسمى "جماعة النواب"،هذه الآلية التي تمثل قاعدة الهرم في الجهاز المتحكم في شؤون الجماعات السلالية ،و الذي ينتهي بمجلس الوصاية الموجود على مستوى مركزي .
ويجدر التذكير بان الجماعات السلالية تشكيلات عتيقة في النسق القروي ببلادنا ، قام المعمر بإعطائها الوجود القانوني في ظهير 21 نونبر 1916،ووضعها تحت وصاية ادارة الشؤون الاهلية بظهير 19 ابريل 1919 ، ووظفها في خدمة مخططاته للتحكم في البادية من جهة ،والسطو على الآرض ب "القانون" من جهة ثانية ... وتم الحفاظ عليها بعد انصرافه ، بتغييرات وتتميمات جزئية في ظهير 06 فبراير 1963 ، للأسباب التي لا يعرفها إلا من له مصلحة في ذلك .
وقد اضطرت سلطة الوصاية في البضع سنوات الاخيرة، الى نفض الغبار عن ملف التدبير السلالي ، من خلال إصدار الدورية 51 بتاريخ 14 مايو 2007 حول مسطرة وضع لوائح ذوي الحقوق التابعين للجماعات السلالية ، وتوجيهها الى السادة الولاة والعمال للوقوف على تفعيل مضمونها، بوصفهم ممثبين للوصاية ، ووضعها لكتيب "دليل نائب الاراضي الجماعية" ( مديرية الشؤون القروية – مارس 2008 ) ، وإنشائها لموقع الكتروني يحمل عنوان الجماعات السلالية والاراضي الجماعية ، اطلق يوم الثلاثاء 09 اكتوبر 2012 . ويبقى من المشروع التساؤل عن ملائمة وجدوى الطريقة التي يحرك بها هذا الملف ، والتي نقف بخصوصها عند نقطة جزئية نسبيا ، وهي التعاطي مع ما يسمى ب"جماعة النواب"
اولا : "جماعة النواب" في النصوص الرسمية
- ظهير 21 نونبر 1916 التعلق بتعيين جماعات تنوب عن القبائل - الفصل الاول "تحدث بإيالتنا الشريفة جماعات تنوب قانونا عن القبائل او فصايل القبائل ، التي سيتم تحديدها بقرار من وزيرنا الصدر الاعظم" - والفصل الثاني "يعرض على جلالتنا أعيان القبيلة او فصيلتها،بموافقة إدارة المراقبة المحلية،أعضاء الجماعة التي يحصر عددها لكل قبيلة او فرع منها،بقرار خاص من الصدر الاعظم،كما أته يقع تعيين هؤلاء الاعضاء،بقرار صادر منه ،لمدة سنة واحدة يمكن تجديد نيابتهم عند انتهائها " ج.ر. عدد 190 – 18/12/1916 – ص 958 .
- ظهير27 ابريل 1919 في تنظيم ولاية الدولة على الجماعات الاهلية وفي ضبط تدبير الاملاك المشتركة بينها وتفويتها – الفصل الثاني " ... ويمكن لها في كل حال،ان تنيب عنها من تنتخبه لذلك ، وان توكله توكيلا قانونياعلى الكيفية المعتادة بعد الترخيص من الدولة"
- ظهير 06 فبراير 1963 بتنظيم الوصاية الادارية على الجماعات ... - آخرالفصل الثاني "...ويمكنها (أي الجماعات )، نقل سلطاتها الى اشخاص تختارهم ضمن الكيفيات الصحيحة المعتادة، ويكون مجموع الاشخاص الذين يقع اختيارهم على هذا الشكل جمعية المندوبين او "جماعة النواب" ، وتعين هذه الجمعين ضمن نفس الشروط ،عضوا او عضوين منها لتمثيل العشيرة لدى المحاكم او في العقود القضائية الاخرى التي تهم الحياة الجماعية " ج.ر. عدد 2626 – 22 فبراير 1963 – ص 365 .
- دورية وزير الداخلية عدد 51 بتاريخ 14مايو 2007 حول مسطرة وضع لوائح ذوي الحقوق التابعين للجماعات السلالية – الفقرة الاولى :المرحلة الاولى إعداد اللوائح " يجب على الهيئة النيابية بصفتها الجهة الوحيدة المخول لها وضع لوائح ذوي الحقوق ، عقد اجتماع لاستصدار قرار نيابي تحدد فيه المعايير......"
- دليل نائب الاراضي الجماعية – وزارة الداخلية – 2008 – فقرة تعيين النائب " يتم تعيين النائب من طرف ذوي الحقوق المسجلين باللائحة طبقا لمقتضيات الدورية رقم 51 بتاريخ 14مايو 2007 ،وذلك وفق الاعراف والتقاليد المعمول بها داخل الجماعة السلالية . وفي انتظارتهييء هذه اللائحة، يتوجب تعيينه من طرف مجموعة من ذوي الحقوق لا يقل عددهم عن إثني عشر(12 ) فردا من الاعيان يتم فرزهم عن طريق التوافق بعد استشارة السلطة المحلية،التي تسلم في حالة التزكية،الشهادة الادارية الواجب تضمين مراجعها باللفيف العدلي المعد لهذا الغرض"
ثانيا : ملاحظات
إذا كان الظهير المؤسس للجماعات السلالية ينص على وظيفة النيابة القانونية، وعدد النواب لكل قبيلة ، وتعيينهم لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد ، فإن ظهير الوصاية الاول (1919) ينص على "انتخاب" من تنيبه الجماعة السلالية عنها وتوكله توكيلا قانونيا ،و ظهير 1963 عن "أشخاص تختارهم ضمن الكيفيات الصحيحة المعتادة " ....بينما تتحدث دورية وزير الداخلية عن الهيئة النيابية ببساطة ، وكأنها تنظيم محسوم فيه ، في حين أن المشكلة الاولى لبعض الجماعات ، هي بالضبط هاته الهيئة الناخبة "المتخيلة" من طرف الدورية ،التي تقفز على واقع الخلاف والاختلافات الشخصية داخل العائلة الصغيرة الواحدة . كما أن دليل النائب يقفز على الماضي، وكأن الجماعات السلالية ظهرت في 2008 ، ويربط تعيين النائب بتطبيق دورية 51 ، و"يقرر" مسطرة تعيين من طرف اثنى عشر من الاعيان يفرزون بالتوافق .....
يتبن أن النصوص المستحدثة ما فتئت تتبنى مفهوم "الاعيان" ، وهو مفهوم بات متجاوزا في الواقع القروي بفعل تصدع النظام البترياركي الذي افرزه وتعيش منه لأزمنة طويلة ، وتحت تأثير ضغط المصالح الفردية ، والمد الحقوقي الذي يجعل سلوكات الانصياع تختفي ،وذوي الحقوق لا يترددون في الطعن بعضهم في البعض الآخر.
كما تفترض النصوص أيضا أن التوافق أمر محسوم كطريقة لتأسيس قاعدة الهرم الذي ينبني عليه كل التشريع المتعلق بالجماعات السلالية . والواقع اليوم أن التوافق غائب في كثير من الجماعات السلالية ، التي لم تتمكن من تعويض نواب توفوا او عجزوا او بات مطعونا فيهم ،مما يترتب عنه أن مصالح الجماعة السلالية تتوقف . ومن شأن حالة الفراغ هاته ،ان تعصف بالممتلكات الجماعية التي تتعرض للضغط والسطو بالاحتيال والطرق الملتوية .
يبدو لنا في النهاية ان ترك أمر تشكيل "جماعة النواب" للأعراف والتقاليد والأعيان والتوافق ، إختيار يثير التساؤل و الاستغراب في هذا العصر. فإذا كانت الادارة وصية على الجماعات السلالية ،بحكم القانون منذ 1919 ، فلماذا لا يتدخل ممثلوها بحكم وظيفتهم كأوصياء ، عند ثبوت عجز الجماعة عن إفراز هاته الآلية الاساسية في الهرم، والأخذ بزمام الامور، لتمكين الجماعات المعنية من الخروج من وضعية الخلاف والجمود التي يعيشها عدد منها ؟. اليس من مهام وواجبات الوصي شرعيا وفقهيا ومنطقيا ،ان يتدخل إذا صدر من القاصر ما يضر

���� �������:

Related Posts
���������